2010/10/13

قرية سدوم


لعل في قصة قوم لوط التي ذكرت في القرآن في عدة سور ما يدفع إلى العجب وهي مذكورة في كتب التفاسير وقصص الأنبياء، وما يهمنا هو ما حصل من عقاب إلهي لهذه القرية ، وهي قرية سدوم التي تقع في منطقة تدعى عمق السديم بأرض الأردن قرب البحر الميت ، والذي يسمى ببحر لوط أيضاً بسبب ما فعلوه من أعمال قبيحة خبيثة تأباها الأنفس ، وقد حذرهم منها نبي الله لوط عليه السلام، إلا أنهم لم يأبهوا له ولا بتحذيره بل تحدوه أن يأتيهم بالعذاب الذي يعدهم به، وهدده قومه بالقتل رجماً بالحجارة إن هو لم يكف عن دعوته عند ذلك دعا لوط ربه أن ينجيه وأهله مما يعملون فانجاه الله وأهله إلا أمرأته كانت من الغابرين فهلكت مع قومها الذين أهلكهم الله بالصيحة كما قال سبحانه : ((فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ ، فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ))، [الحجر : 73، 74].

فقد أرسل الله تعالى الملائكة بهيئة البشر وقالوا له أن العذاب سيأتي على قومه في الصباح فحمل سيدنا جبريل عليه السلام الأرض وهم نائمون (أي أرض سدوم) ، وقلبها جاعلاً عاليها سافلها بينما أهل لوط أمروا بالخروج من المدينة وعدم الألتفات إذا سمعوا الصيحة إلا أن أمرأته ألتفتت فأصابها ما أصابهم جزاءا لها بعدم طاعة نبي الله لوط عليه السلام، فيا ترى هل يعقل أن تقتطع جزء من الأرض وتقلب على عكسها كما جاء في القصة؟

هذا ما أثبتته الآثار الجيولوجية والأبحاث الأثرية فعلاً، فقد ثبت أن طبقات الأرض للمنطقة حول مدينة سدوم مرتبة بشكل معين معاكس للطبقات التي تحويها المنطقة المحيطة بقرية سدوم وبتسلسل معاكس تماماً، كما وأن إمرأة لوط التي حنطت أثناء التفاتها لا يزال تمثالها شاخصاً واقفاً لحد الآن يتحدى المعاندين المكابرين . وقد قام فريق بحث امريكي مؤخراً بدراسة المنطقة جيولوجياً ، وتبين له أن طبقات الأرض معكوسة تماماً في تلك المنطقة الواقعة قرب البحر الميت في الأردن، وكذلك وجدت إمرأة سيدنا لوط عليه السلام وهي واقفة ومحنطة على شكل حجر بهيئته البشرية ، وذلك عندما أستدارت لتنظر ماذا حدث لقومها عندما أخذتهم الصيحة مشرقين عند خروج لوط بأهله كما أمر، وهذا كله مصور بفيلم علمي عرض على شاشات التلفاز في العالم كله، وهو مصداق لقوله تعالى: ((قَالُواْ يَا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَن يَصِلُواْ إِلَيْكَ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِّنَ اللَّيْلِ وَلاَ يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَدٌ إِلاَّ امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ ))، [هود : 81].

وقد ذكر القرآن هذه القصة مراراً مذكراً قريش الذين عاندوا النبي محمد صلى الله عليه وسلم بان لهم في هذه عبرة وأنهم قد ينالوا نفس العقاب إذا ما عاندوا رسول الله عليه السلام، وهذا التحدي نفسه لا زال قائماً على صحة القرآن وصدق الأنبياء إلى قيام الساعة.
إذن فالإعجاز القرآني في مجال التأريخ والجيولوجيا واضح بين فضلاً عن الجانب الآثاري، وهو قوله تعالى ((عَالِيَهَا سَافِلَهَا )).
والتي تبين أن طبقات الأرض في المنطقة قد عكست أي جعلت بتدرج معاكس لما حولها .

المصدر: ومضات إعجازية من القرآن والسنة النبوية / الكتاب الأول / الآثار والتأريخ/ الدكتور المهندس :خالد فائق العبيدي.