2010/10/14

جثة فرعون

تأتي قصة فرعون مصر المعروفة وتحديه لسيدنا موسى عليه السلام حتى أغرقه الله في البحر الأحمر بعد أن جيش جيشاً لاحق به النبي موسى عليه السلام ومن آمن معه لكي ينالوا منهم وعندما وصل القوم إلى البحر الأحمر والجيش وراءهم ظنوا أنهم هالكون إلاأن النبي موسى دعا الله أن ينجيهم، ففتح الله البحر لهم نصفين من الماء كل نصف كالجبل الكبير وعبر موسى عليه السلام ومن معه في ممر يابس غير مبلل أو رطب : (( وَلَقَدْ أَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقاً فِي الْبَحْرِ يَبَساً لَّا تَخَافُ دَرَكاً وَلَا تَخْشَى ))،[طه : 77]. فحاول فرعون ومن معه اللحاق بهم حتى إذا عبر قوم موسى كلهم أطبق البحر على جيش فرعون وغرقوا كلهم وطافت جثة فرعون على البحر ثم أخذت وحنطت وهذا ما ذكره القرآن الكريم : (( فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيراً مِّنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ))، [يونس : 92]. وقد كان هذا الفرعون المقصود بالآية مجهولاً حتى أكتشف مؤخراً أن الفرعون المحنط والموجود في متاحف القاهرة توجد في أنفه حبات رمل عندما أخذت وفحصت وجد أنها من حبات رمل البحر الأحمر وهو البحر الذي عبر به موسى مع قومه من مصر إلى الشام. فقد كشفت مجلة باري ماتش الفرنسية الصادرة مؤخراً أن فريقاً طبياً فرنسياً يتكون من 112 طبيباً أعلنوا أن فرعون مصر في زمن موسى عليه السلام مات غرقاً كما اخبر بذلك القرآن الكريم قبل أكثر من 1400 عام وأعلنت ذلك الدكتورة كريستسن نيلكوت رئيسة الفريق الطبي الفرنسي ، وأضافت أن الفحوص التي أجريت على جثة فرعون المعروضة الآن في المتحف المصري أثبتت وجود حبيبات رملية بحرية وصحراوية على جسده وشعره ووجود فطريات على جلده سببت تآكلاً تم علاجه بالأشعة ليبقى بدنه في ذمة الخلود كما أخبر الله في كتابه بقوله: ((فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً )). وفي تفسير هذه الآية قال عبد الله ابن عباس : شك بعض بني إسرائيل في موت فرعون ، حتى قال بعضهم: إنه لا يموت، فأمر الله البحر فرفعه على مرتفع، قيل: على وجه الماء، وقيل على نجوة من الأرض، وعليه درعه التي يعرفونها من ملابسه ليتحققوا بذلك من هلاكه، وليعلموا قدرة الله عليه، ولهذا قال : (( فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ )) أي مصاحباً درعك المعروفة بك ((لتكون)) أي أنت آية ((لمـن خلـفك)) أي من بني إسرائيل، دليلاً على قدرة الله الذي أهلكه، ولهذا قرأ بعض السلف الآية :((لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً ))، ويحتمل أن يكون المراد ننجيك مصاحباً درعك لتكون درعك علامة لمن وراءك من بني إسرائيل على معرفتك وأنك هلكت، والله أعلم ، وقد كان هلاكه وجنوده في يوم عاشوراء، كما قال الإمام البخاري في صحيحه: قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة واليهود تصوم يوم عاشوراء ، فقال: (ماهذا اليوم الذي تصومونه؟)، فقالوا : هذا يوم ظهر فيه موسى على فرعون ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (أنتم أحق بموسى منهم فصوما)، وأصل الحديث في صحيح البخاري ومسلم وغيرهما.
وجدير بالذكر أن فرعون الذي لاحق بقواته موسى عليه السلام واتباعه حتى ساحل البحر الأحمر فأنفلق البحر ليمر من خلاله المؤمنون ثم انطبق مغرقاً فرعون وأتباعه يدعى (منفتاح بن رمسيس الثاني) الذي أكتشفت جثته في حفريات الأقصر عام1900م من قبل علماء الآثار في قبر لم يكن مهيئاً لمثله أبداً، وفسر العلماء ذلك أن المصريين لم يهيئوا له قبر لأنهم لم يكونوا يتوقعون موته ، لأدعائه الالوهية، والله أعلم. وجاءت كشوف الفريق الطبي مؤخراً بناءاً على طلب علمي فرنسي لإجراء العناية اللازمة بالأشعة والأجهزة المتطورة لتلافي بعض الضرر الحاصل على جثة فرعون من جراء هذا الزمن الطويل الذي يزيد على أربعة آلاف عام منذ حادث الغرق ، وكل ذلك مصداق القرآن الكريم الذي ذكر أن جثة فرعون ستبقى في ذمة الخلود بعيداً عن التلف ، كآية من آيات الله تعالى في خلقه.




المصدر: سلسلة ومضات إعجازية من القرآن والسنة النبوية / الكتاب الأول / الآثار والتأريخ / الدكتور المهندس خالد فائق العبيدي.